صحيح أن ضم النمسا للمقاطعتين العثمانيتين البوسنة والهرسك عام 1908 كان شرارة اندلاع الأزمة البلقانية الأولى عام 1912، لكنه لم يكن السبب الوحيد أو الجذري لها.
تأتي جذور الأزمة من تراكماتٍ تاريخيةٍ معقدة، تشمل:
- ضعف وتراجع الإمبراطورية العثمانية: عانت الإمبراطورية من ثوراتٍ قوميةٍ داخليةٍ وازديادٍ في تدخلات الدول الأوروبية الكبرى في شؤونها، مما أدى إلى شعورٍ متنامٍ لدى شعوب البلقان بقدرتهم على التحرّر من الحكم العثماني.
- صعود القوميات في البلقان: نمت مشاعرُ القوميةِ والرغبةِ في الاستقلالِ بين شعوبِ البلقان، ممّا غذّى التنافسَ والتوتّرَ بينهم، خاصّةً مع الإمبراطورية العثمانية والنمسا-المجر.
- التنافسات الدولية: سعت الدولُ الأوروبيةُ الكبرىُ، مثل روسيا والنمسا-المجر وألمانيا، إلى توسيعِ نفوذها في منطقةِ البلقان، ممّا زاد من حدةِ الصراعِ والتوتّرِ بينها، واستخدمت شعوبَ البلقان كأوراقٍ في لعبةِ صراعاتها.
كان ضمّ النمسا للبوسنة والهرسك بمثابة القطرة التي فاضت الكأس: فقد اعتبرته دولُ البلقانِ الأخرىِ تهديدًا مباشرًا لسيادتها وطموحاتها، ممّا دفعها إلى التحالفِ ضدّ الإمبراطورية العثمانية والنمسا-المجر، ممّا أدّى إلى اندلاعِ حربِ البلقان الأولى.
وبشكلٍ عامٍ، يمكن تلخيص أسباب الأزمة البلقانية في النقاط التالية:
- الضعف العثماني: سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا.
- صعود القوميات: في دول البلقان.
- التنافسات الدولية: بين الدول الأوروبية الكبرى.
- ضمّ النمسا للبوسنة والهرسك: كان الشرارة التي أشعلت فتيل الصراع.
من المهمّ ملاحظة أنّ هذه الأزمة كانت معقدةً ومتعدّدة الأوجه، ولم يكن لها سببٌ واحدٌ محدد.