من القرن الثاني الميلادي.. جبانة البجوات بالوادى أطلال تحكي وقائع اضطهاد الرومان

تعد مقابر البجوات من المناطق الأثرية وتقع خلف معبد هيبس بمدينة الخارجة في الوادي الجديد، ويرجع تاريخها للقرن الثاني الميلادي، وكلمة "بجوات" تعني "قبوات" جمع "قبو"، وذلك لأن كل مقابر الجبانة تعلوها قباب، وهي مبنية من الطوب اللبن، وتتمثل أهميتها البالغة في أنها ترجع لأوائل العصر المسيحي.

يقول الأثري حسن جابر، إن جبانة البجوات بناها المسيحيون أبان القرن الثالث الميلادي بعد أن فروا من مختلف المحافظات، وذلك أثناء اضطهاد الرومانيين للمسيحية، واتخذوا من تلك المنطقة المرتفعة في قلب الصحراء شمال الخارجة مقرًا لهم ليأمنوا ممارسة معتقداتهم الدينية بسلام بعيدا عن أباطرة الرومان، ولكنها أصبحت الآن كالخرابات المهجورة يسكنها البوم والغربان.

وأوضح جابر، أن مقابر البجوات في وضعها الحالي كالمدينة المهجورة، وتحتوي على 263 هيكلا أكثرها مزخرف من الخارج وقبابها مزينة بمناظر مختلفة من التوراة، بالإضافة إلى المناظر المسيحية.

ولفت إلى أن هذه المناظر تتميز بألوانها الزاهية المرسومة بطريقة الفريسكو وهي خلط الألوان الماء عند الرسم، ومن هنا جاءت أهمية الجبانة التي استطاعت بمساعدة الجو الجاف للمنطقة الاستمرار والدوام طيلة هذه القرون، ويوجد في العشرات من هياكلها آلاف الكتابات باللغات الإغريقية واللاتينية والقبطية والعربية، ومن أهم العناصر الأثرية للبجوات مزار السلام ومزار الخروج والكنيسة.

وتابع أن "مزار السلام" سمي بهذا الاسم لوجود رمز السلام مصور بقبة المزار، وهذا المزار يعتبر أكثر المزارات شهرة لدى دارسي الفن ويطلق عليه لدى الباحثين الأوربيين اسم "مقبرة البيزنطية"، أما "مزار الخروج" فيحكي قصة خروج بني إسرائيل من مصر يتعقبهم فرعون بجنوده.

من جهته، قال المؤرخ ايمن جاب الله: "عند زيارة مقابر البجوات ترى العديد من الصور والرسومات التي تحكي بعض القصص المقتبسة من كتاب العهد القديم مثل قصة نوح وقصة فداء إسماعيل وغيرها، ويوجد أيضًا بالجبانة مخربشات تتمثل في الكتابات والخطوط التي سجلها زوار البجوات، وتكثر هذه الظاهرة على جدران المقابر المزينة بالصور أو المكسوة بالملاط، ويبلغ مجموعها 63 مخربشة أكثرها مكتوب باللغة العربية وعددها 29، بينما المخربشات الإغريقية 19 والقبطية 12، وتبدأ الكتابات العربية منذ القرن التاسع الميلادي".

وأضاف أنه بجانب مقابر البجوات تم الكشف عن بقايا مساكن عين سعف التي كانت تعتبر المساكن الرئيسية وقتذاك، أما الكنيسة فتقع وسط الجبانة وتطل على بلدة الخارجة القديمة، وتتكون من ثلاثة أروقة، ويرجع بناؤها إلى القرن الخامس الميلادي.

وأوضح أن مقابر البجوات والتي شيدت بالطوب اللبن والطين تعد من أهم المناطق الأثرية القبطية المهملة، ولكن من المؤسف أن تلك المقابر معرضة للسقوط نتيجة لعوامل الطقس والتعرية، فيجب على مسئولي الآثار ضرورة التحرك والاهتمام بمثل هذه الموروثات التراثية للحفاظ على ما تبقى من تلك الآثار أو عمل ترميمات فورية لتلك المقابر قبل أن يندثر تاريخ الأقباط تحت أطلال البجوات.

وناشد جاب الله جميع المسئولين عن المناطق الأثرية بمناطق الوادي الجديد أن يفيقوا من غفلتهم وينظروا لمثل تلك المناطق والتي تحكي تاريخ أمم وشعوب من العصور الأولى كادت تهوى وتندثر تحت التراب.

هل اقتحم كورونا الوادي الجديد؟.. الصحة تكشف الحقيقة

المصدر : صدي البلد

activoads.com